قولي لي يا وسادتي، أين السلام والفرح والسعادة؟
لماذا أنا حزين وقلبي يوجعني لماذا ضميري هكذا مثقّل بالألم ومتعبٌ بالضيق،
حدّثينـي وقولي لي، ألـستُ أنا
مـطرب الجـماهـير المشهـور؟
ألـستُ أنـا مَـنْ يُبـهـج النـاس ويُـروِّح عنـهـم الهمـوم؟
نعم، أنتِ الوحيدة التي تعلمين بحـالي، أنتِ التي تنصـتين إلى أنيـني لكنـك تصمتين ولا تبوحين. ففي كل فجرٍ أعود إلى فراشي وأسندُ رأسي عليكِ وأنا فاقدُ الوعي مـن كثرة السكر والعربدة، أنتِ وحدكِ تسمـعين تنهّـدات قـلبي المعذّب، وأنتِ وحـدكِ تعرفـين وخـزات ضمـيري الثائر... فأنّـى لي أن أتخلّص من يقظات ضميري هذا؟
أين السلام، أين الفـرح؟ كلّ ما في داخلي يصرخ فيّ ويقول لي: أنـت خاطىء.. خاطىء.. خاطىء..
فأيـن مصـيرُك؟
ألـستُ أنـا مَـنْ يُبـهـج النـاس ويُـروِّح عنـهـم الهمـوم؟
نعم، أنتِ الوحيدة التي تعلمين بحـالي، أنتِ التي تنصـتين إلى أنيـني لكنـك تصمتين ولا تبوحين. ففي كل فجرٍ أعود إلى فراشي وأسندُ رأسي عليكِ وأنا فاقدُ الوعي مـن كثرة السكر والعربدة، أنتِ وحدكِ تسمـعين تنهّـدات قـلبي المعذّب، وأنتِ وحـدكِ تعرفـين وخـزات ضمـيري الثائر... فأنّـى لي أن أتخلّص من يقظات ضميري هذا؟
أين السلام، أين الفـرح؟ كلّ ما في داخلي يصرخ فيّ ويقول لي: أنـت خاطىء.. خاطىء.. خاطىء..
فأيـن مصـيرُك؟
وُلـدتُ في لبنان
لوالدين حنونين تقيّين، وحدثَتْ لولادتي ”ضجّة
ورنّـة“ لأنني أتيت بعد خمس من البنات. لذا حظيـتُ
بالاهتمام الزائد، ونلتُ من العزِّ والدلال قلّما يناله
إنسان. وكانت كلمتي لا ” تصير اثنتين “ في البيت،
وكلّ ما أردته حصلتُ عليه من أبويّ اللـذين دلَّلاني
إلى آخـر حـدّ. واكتشفتُ منذ نعومة أظفاري حبّيَ للفن
والغناء، فأصبـح لي نصيـب في كل حفـلة أو عـرس أو
مناسبـة عائليـة، لكي أغني وأفتخر بموهبتي.
غنّيتُ أمام أصحابي ورفاقي، فنلتُ استحسانهم وشرعوا يـدعونـني إلى حفلاتهم أيضًا وهكـذا ذاع صيـتي بين الكثيرين وأصبـحتُ مشـهـوراً وأنا بعـد في تلك السـن المبكرة.
وفي أحـد الأيـام، جـاء زوج خـالتي لزيارتنا في البيـت ومعـه العـود، فوقعـتُ في حـب هذه الآلة، وفُتنـتُ بجمال صوتهـا وما إن غادر قريبي، حتى طلبت من والديّ أن يشتريا لي عوداً مثله لأعزف علـيه، وبالطبع نزلاً عنـد رغبتي واشتريـت العود بنفـسي ومـن ذلك الحـين بـدأت رحلـتي مـع الطـرب والفـن
عقب انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1992،سمعتُ إعلانـاً على التلفـزيون يدعو كل من لـديه مـوهبـة أن يحضـر إلى استوديو الفن. فتشجّـعت وذهبتُ وعودي، وغنّيـت يومها للمطـرب الكبـير عبـد الـوهاب. ولمّا فعـلت أحسست وكأنّ الوقت قد توقّف، وكأنّ العالم كلَّه وقف ليراقب أيمـن كفروني مـن علـى الشاشـة الصغيـرة... دغدغـني شـعـورٌ بالفـرح والغبـطـة، وأحسست كأنـني امتلكتُ الدنيـا بأسـرها. ومن يومـها بدأتُ رحـلتي مع الفن والطرب، فأضحتِ الشهرة غايـتي الوحيدة، ورحتُ أسعى للوصول إليها مهما كان الثمن. وما هـي إلا سنون قليلة حتى انخرطتُ في دائرة الفنانين مـن الأصحاب والرفاق ورحتُ أنـزلق رويداً رويداً في طريق لم أشُبَّ عليه ولا نشأت فيه.
علّمـني والـداي التقـوى والأخـلاق الجيدة منذ الصغر، وتدرّبـتُ على تعاليـم الكنيسـة واحتـرام الأهـل والأقـرباء. لكنني بدأت أبتعد شيئاً فشيئًا عـن هذه القِيَم، وجمعتُ من حولي الأصحاب، حيث كنـا نقضـي معـاً السـهرات والحفـلات. ثم طفقتُ أدخِّن وأشـرب الخمر والويسكـي، ولم أتوانى عن تعاطي الحشيـش والكوكـايين.حـتى غـدوتُ مدمنـاً بارزاً. كنـت أفعـل كـل ذلك بالسـرّ من دون أن يعـرف الأهـل، حفـاظاً علـى سمـعتهـم وكـذا لم يعـرف المعجبـون ولا المعجبات عن حياتي الخاصـة. وعـلى الرغم من أنني لم أتعدَّ على أحـد، فإنّ كـل ما اشتهته عيناي عملته، وكـلُّ مـا رغبـَتْ فيه نفسـي حصلتُ عليه. رحـتُ أرتكـب شتى من المعاصي، وأعيش من أجل اللذة... لكـن ومع كل ذلك استطعتُ أن أظهـر بمظـهرِ المطـرب المرتّب والمهذّب أمام مشاهـديّ في التلفـزيون. ولم يستطع أحد أن يكتشف أنّني كنت حقاً إنساناً فاسداً من الداخل، إنسـاناً غائصاً في أوحال الخطية من أخمص قدمي إلى هـامة رأسـي، ما خلا نفسي وأصدقاء الفن الذين كنتُ أرافقهم وأعيش في عُلَبِ الليل معهم. قمـتُ بهـذه الأمور كلّها، لكنّني لم أكن سعيداً. فوخـزات الضـمير كانت تلاحقنـي أينما كـنت. وصـوتٌ فـي داخـلي كـان يـصـرخ فيّ ويقـول: أيــن مصــيرك؟ قـلتُ في نفسي: عندما أكبر سوف أذهب الى الكنيسـة، فأنـا الآن ما زلت في ريعان الصبا والشبـاب. لكــنّ هــذا القــرار لم يحســّن فــيّ شيئــاً قط. فمَـن يعــلم المستقبــل؟ ولكــي أخمــد هذا الصـوت قرّرت أن أتنـكّر لوجــود الله، لكـن الصــوت لم يتـوقف. وذات يـوم قصـدتُ الدير طالباً المساعدة في حفـلة هـامة عسـاه يحقّقها لي، فوجدتُ الدير مغلقاً إذ كانـت ساعـة الغداء. عندئذٍ قلت في نفسـي: إذا كان الله موجوداً في داخل الـدير فـلا بدَّ أنـه موجود هنا أيض وهـو يسمعـني. فلمـاذا لا أصـلّي هنـا؟ فوقفتُ بجانب حائط الدير وصلّيت الصـلوات التي تعلّمتها في صباي. ونـذرتُ نذراً وقـلت: يا رب إذا حقّقــتَ لي مطـلبي هذا، فإنـني أعـدك بـأن أقـرأ الانجيـل خمـس مـرات. أرجـوك يا رب، ساعـدني وحقّـق أمنيـتي
وفعلاً، حقّـق الله لي أمـنيتي وحصـلتُ على ما ابتغـيتـه. وهنـا أصبـح عـليّ الآن أن أفي بوعـدي لله بقـراءة الإنجيل خمـس مـرات. فطفقـتُ أقـرأه … وعنـدما كنت أعود سكراناً مع الفجر، كنت أحاول أن أقرأ لكـنّ صـوتاً في داخـلي كان يستـهـزىء بي ويقـول: ” أتريـد أن تقـرأ الكتاب المقـدس وأنت سكـران ؟ “ولكنني علمت في ما بعد أنّ إبليس كان يحـاول إيقافي عـن قراءة كلمة الله.
كنت أحياناً أحمـل السيجارة بيد والانجيـل بيـد وأقرأ. وأحيـاناً أخـرى أقـرأ وأنـا أتـعـاطى الحشيـشة. لم أكن أستطيـع أن أتخلّى عن عادة واحدة من عاداتي الفاسدة والشريرة حتى وأنا أقرأ كلمة الله. لكن من خلال قراءتي بدأ عقلي وقلبي يستنيران بفعل الآيات الكتابية المقتدرة. وجـذبتني آيات عديدة مثل: ”كلّنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طـريقه“...”كشـاة تسـاق الى الذبـح وكنعجة صامتة أمـام جازيها فلم يفتح فاه“... وصرت أتساءل وأقول: ”أفعل المسيح الفادي كـل هـذا مـن أجلـي أنـا؟ “ ومـرة بعـد مرة اتّضحت لي من خلال قراءتي حقائق كثـيرة لم أكـن أفـهمهـا من قبـل. وبدأتْ كـلمة الله تغيّر زوايا قلبي. ولمـا قرأتُ الآيـة الـتي قالهـا الرب يسوع المسيـح مرة للفرّيسييـن، سُرَّ قلبـي إذ لمسَتني في الصميم. قــال: ” لـم آتِ لأدعـو أبــراراً بـل خُطـاةً إلى التـوبة.“ وهـنا بدأتُ أرى محبـة الله لي؛ إنهـا أعظـم مـن أن تُقـاوَم. وفي إحـدى الليـالي ركعت إلى جانب سريري وصلّيـتُ بقلـب منسحق وقلت: ”يا رب أنا لا أستـحق محبّتـك. إني متعـب... الشهرة لم تمنحني شيئاً، أرجو منك أن تساعدني. لا أعـلم كيف أحسِّن نفسي، لكـن أعلم أنك أنـت الوحـيد الذي تقـدر أن تسـاعدني.“في ذلك اليـوم نفسـه دخل يسوع قلبي، وغيّر حيـاتي كلّـها.
لم أفقه ما حصـل لي وقتئـذٍ، لكنـني بعد أن قرأتُ الآية التي تقول: ”ها أنذا واقـف على الباب وأقرع، إن سمع احد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي،“ فهمـتُ. ومن يومـها صار عندي شوق واحد ووحيد هـو أن أخـبر النـاس عـن يسـوع المسـيـح المخـلّص الوحيـد. وازداد حـبي لقـراءة كلمتـه المقـدسة أكثـر وأكثـر. كنـت قبـلاً أقـرأ الانجيل إيفاءً لنذري الذي وعـدت به الله، أمـا اليوم فصرت أقرأ الكلمة بتلهّـف غـريب... بشـوق ورغبة حقيقيـة. نعـم، الآن يا إخوتي وبعد إيماني بالفادي المسيح وجـدتُ الفـرح الحقيقي والدائم، فيما كانت السعادة قبلاً بالنسبـة إليّ مجــرّد لحظــات معــدودة. وهكـذا منحــتُ موهبتي في الغنــاء للــرب يســوع المسيـح فــاديّ ومخلّصــي، ووعــدته بأننــي لـن أغنــّي مـن اليــوم فصــاعداً إلاّ لــه وحــده، لأنــه هو المستحــقّ،أغـدق علــيّ من نعمــه الكثيــرة وفاض قلبــي بكــلام صـالح، ولســانـي بــتعابـيــر لم أكـــن أنشـــئها مـن قبــل، وقلـمي صــار قلــم كاتــبٍ مـاهرٍ. بدأتُ أكتـب ترانيـم جديـدة أعبّـر فيـها عـن محبـة الله لي ولبنـي البشـر أجمعـين. وليـس هــذا فحســب، بل حبــاني الله أيضًــا القــدرة عـلى تلحيـــن هـذه الكلمـات التـي أكتبـها. حقاً إنـه لا يتـرك نفسـه مديـوناً لأحد. فقبـل إيمـاني كنــتُ أدفــع ثمـن كل أغنية وكل لحــن، أما اليــوم فقــد منحنــي المسيـح فـاديّ ومخلّصي المواهب الجديدة لكي أكتب الترانيم وأضع لها الالحان المناسبة. فالكل من عنده تعالى صاحب الهبات والعطايا.
غنّيتُ أمام أصحابي ورفاقي، فنلتُ استحسانهم وشرعوا يـدعونـني إلى حفلاتهم أيضًا وهكـذا ذاع صيـتي بين الكثيرين وأصبـحتُ مشـهـوراً وأنا بعـد في تلك السـن المبكرة.
وفي أحـد الأيـام، جـاء زوج خـالتي لزيارتنا في البيـت ومعـه العـود، فوقعـتُ في حـب هذه الآلة، وفُتنـتُ بجمال صوتهـا وما إن غادر قريبي، حتى طلبت من والديّ أن يشتريا لي عوداً مثله لأعزف علـيه، وبالطبع نزلاً عنـد رغبتي واشتريـت العود بنفـسي ومـن ذلك الحـين بـدأت رحلـتي مـع الطـرب والفـن
عقب انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1992،سمعتُ إعلانـاً على التلفـزيون يدعو كل من لـديه مـوهبـة أن يحضـر إلى استوديو الفن. فتشجّـعت وذهبتُ وعودي، وغنّيـت يومها للمطـرب الكبـير عبـد الـوهاب. ولمّا فعـلت أحسست وكأنّ الوقت قد توقّف، وكأنّ العالم كلَّه وقف ليراقب أيمـن كفروني مـن علـى الشاشـة الصغيـرة... دغدغـني شـعـورٌ بالفـرح والغبـطـة، وأحسست كأنـني امتلكتُ الدنيـا بأسـرها. ومن يومـها بدأتُ رحـلتي مع الفن والطرب، فأضحتِ الشهرة غايـتي الوحيدة، ورحتُ أسعى للوصول إليها مهما كان الثمن. وما هـي إلا سنون قليلة حتى انخرطتُ في دائرة الفنانين مـن الأصحاب والرفاق ورحتُ أنـزلق رويداً رويداً في طريق لم أشُبَّ عليه ولا نشأت فيه.